كان أمس يوم تصعيد دموي قاس في قطاع غزة كما في لبنان، وهذا يتطابق مع توقعات سابقة بأن الفترة الانتقالية بين إدارتين أميركيتين ستكون صعبة ميدانيا، لأن أي مساع لتحقيق هدنة أو تهدئة مؤجلة بالضرورة.
لكن التصعيد في شمال غزة هو بمجمله من الجانب الإسرائيلي، وقد استهدف مدرسة تابعة لوكالة الأونروا في بيت لاهيا، تستخدم مركزا لإيواء النازحين، وقصف مواقع في مخيمي النصيرات والبريج، وكانت الحصيلة أكثر من مئة قتيل وعشرات المفقودين وعشرات المصابين، وجميعهم من المدنيين.
واقعيا، لم يعد للأنشطة العسكرية في شمال غزة أي هدف يراد تحقيقه، سوى إدامة الحرب في انتظار تنازلات ما، من حركة حماس، يمكن أن تعيد إحياء التفاوض على وقف إطلاق النار وتبادل الأسرى، غير أن المفاوضات مجمدة.
كما أن الاتصالات الجارية في واشنطن، بين الموفدين الإسرائيليين ومسؤولين في الإدارتين الحالية والمقبلة، لم تتناول الوضع في غزة بعد، ولا يبدو أنها ستتطرق إليه قبل تسلم الرئيس الأميركي الجديد منصبه، إذ أن إسرائيل تريد أن تناقش صيغة تشمل بقاءها في قطاع غزة، وضمها للضفة الغربية، لذلك يفهم التصعيد الحالي بسعيها إلى تثبيت وقائع جديدة على الأرض، وإخلاء مناطق في غزة من السكان.
أما بالنسبة إلى لبنان، فمن الواضح أن التصعيد يرمي إلى الضغط على حزب الله، كي يعطي موافقته على وقف إطلاق النار وفقا للشروط التي حددها مقترح أميركي، سلم إلى رئيسي مجلس النواب والحكومة، اللذين يفترض أن يرد عليه بملاحظاتهما في أقرب وقت.
ومع أن الأوساط الدبلوماسية في واشنطن، مقتنعة بأن التوصل إلى وقف مؤقت لإطلاق النار في لبنان، قد يتم في غضون أسبوعين، إلا أن الشروط المتعلقة باليات تطبيق القرار 1701، ليست محبذة من جانب الحزب، خصوصا ما يتعلق منها بلجنة الإشراف على التنفيذ، بمشاركة أميركية وفرنسية مع دولة عربية قد تكون الأردن.
بالإضافة إلى مسألة لم توضح بعد، وهي الاعتراف الأميركي لإسرائيل بحقها في القيام بعمليات عسكرية كلما اشتبهت بأنشطة مهددة لأمنها، وهذا مرفوض ليس فقط من حزب الله، وإنما من مجمل الأوساط السياسية في لبنان.